من يخرج معي إلى أي مجمع تجاري سيدرك تمامًا أنني في بعض المواقف سألزم الصمت ، صمت طويل ، فلا أعلم سر تلاعب أفكاري وأنا في وسط المجمعات التجارية ، فهي مصدر إلهامي والاختلاء بتفكيري ، بطبيعتي أنا ألقي أي انتباه للناس حولي ، فقط نفسي هي نفسي ! لا انظر للناس ولا التفت لهم ، فلا أحبذ رؤية الناس، ومن يلقي انتابهي أعلم جيدًا أنني سأقيس ذلك بتفكيري ! ، فأفكر بكيف وماذا ولماذا ؟!
بينما كنت في أحد المجمعات الترفيهيه لفت أنتباهي أحد الآباء الذي كان برفقة أبناءه الأطفال ، فقد كان الشيب يغطي وجهه وشعره كجورج كلوني ! ، وكان بدين الجسم كنبيل شعيل ، على الرغم من كونه كبير بالسن و ضخم المقام على اللعب بلعب الأطفال الاكترونية، إلا أنه آثر ذلك وقرر أن " يقزر " وقته ويلعب علّه يسلي وقته ، كان متحمسًا و" مندمجًا " لأبعد الحدود ، وبعد الإنتهاء رأيته يشتري المثلجات الجميلة .
لم أقصد أن أتابع تحركاته ، ولكن شدني تصرفه النادر من نوعه ، فنادرًا ما نجد الكبار يلعبون مع أطفالهم بالألعاب ، وربما من المنعدم وجوده أن نجد الكبار يلعبون لعب الأطفال لوحدهم !
الطفولة هي المثل الذي يضرب للكبار في حالة ضيقهم ، فحينها يتمنى الكثير أن تعود أيام طفولته حيث تنعدم المسؤوليات والإهتمامات ، وتنصب حياتهم حول محور اللعب ، فنجد في حال العزاء يتجمع الأطفال معًا للعب ، غير مدركين لما حولهم من مآسي ، فلهذا نجد أن الكثير إذا أصابته كارثة بأحد مسؤولياته يقول .. ليتني طفلة وآخر همومي لعبة !
هنالك الكثير من الناس من يلجأ لأشياء معينة تنسيه همه أو حزنه أو ضيقه ، فلكل شخص شيء يجعل من همه شيء بسيط ولا يكترث له ، بالنسبة لي كانت ذكريات الطفولة هي الشيء الأهم : )
عبق الذكريات ، يوميات ورحلات ، قصص وتذكارات ، كلما تذكرنا طفولتنا نبتسم ! ، فهذه هي الطفولة لا تخلو من الحماقات والمشغابات الطريفة ، وهنالك الكثير من المغامرات الجميلة التي ترسم على شفاهنا البسمة بمجرد تذكرها .
كانت العودة للطفولة هي سبيلي للخلاص من أي موقف يفجر قلبي ، فمن يدخل غرفتي في " الغربة " سيظن أنها غرفة أحد الأطفال ، ولكن في الحقيقة هي غرفة لشاب قد اكتمل عمره الثامن عشر للتو !
من يعرفني حق المعرفة ، يعرف بهذا السر الذي اخفيه خلف جدران غرفتي ، فيتهمني بالطفولة ، فحقيقة سري تكمن أنها مجرد دمى ، تذكرني بأيام قد مضت ، فتذهب عني غم واقع مغترب ، أو غم مشكلة واجهها القلب ، فهي سبيلي للخلاص منها !
" فصل بو كندر " .. " خرف بوكندر على آخر ايامه " .. تلك العبارات يرددها أقرب الأصدقاء حين دخولهم لغرفتي المتواضعه في الغربة ، فيصدم البعض بوجود بعض الدمى والألعاب مصففة و مرتبة أو معلقة ، فلا أجيب على تعليقاتهم سوى بابتسامة لاترضي قلبي !
هنالك مثل إنجليزي شهير يقول بما معناه إذا ضاق عليك الأمر فبهروبك لعالم الوهم سيخفف عنك ، فأنا عن نفسي لم ألجأ لعالم الوهم في سبيلي للخلاص من ضيقي ، فقد هربت لعالم الطفولة المتواضع الذي ليس فيه سوى الضحك واللعب ، عالم ليس فيه الحزن والضيق والألم ، عالم يحتويك بابتسامة : )
فكلما ضاقت عليك الدنيا .. قل مرحبًا طفولتي من جديد !