شهر مضى .. عيدكم مبارك

عندما يواجه الإنسان واقع لا مفر منه .. واقع سيسلب سعادته وضحكته .. يلجأ دائمًا لربه ولأسرته .. فيحاول قضاء كل ثانية تمر في رحاب اسرته .. قبل رحيلي بأيام آثرت الجلوس بالمنزل عن الخروج .. فكانت جميع أفكاري تنصب على مفارقة اسرتي .. ليست هي المرة الأولى التي افارقهم .. ولكنها المرة الأولى بعد ثمانية عشر عام أودع أسرتي وبلدي في رمضان .. كانت العبرة تخنقني كلما دخلت لمسجد منطقتي .. فأنا حقًا سأشتاق للصلاة فيه .. وأجواء رمضان الجميلة فيه .. وأصوات القراء الذين صليت خلفهم صلاة التهجد وكبرت وأنا استمع لهم كل عام ! 

كانت والدتي - حفظها الله - تكاد لا تشيح نظراتها عن وجهي .. ففي كل مرة اسمع أحدهم يسألني عن سبب وجودي في المنزل طوال تلك الأسابيع وعدم الخروج منه .. كانت والدتي تتفهم ذلك وتُقبلني لتقول لأنه سيفارقنا في رمضان ..  

كلمات والدي - حفظه الله - لازالت ترن في أذني .. قبل نومي اتذكر كلماته فأدعو له بكل خير .. لاحظ والدي جلوسي في المنزل طوال تلك الفترة .. وعندما بدأت بضب الحقائب قبل السفر بأيام .. قال لي " لا تسافر .. إقعد"

كلماته أحرقت فؤادي الذي لم يعد يتحمل فكرة الابتعاد عنهم في هذا الشهر الفضيل بأكمله .. في الطائرة كنت أتذكر كلمات والدي .. فمن غير لا أشعر .. انزلقت دمعة يتيمة على خدي .. تلتها دمعة أخرى تحرق خدي .. وماكان بيدي إلا الدعاء لهم .. والدعاء لنفسي .. بأن يكون سفري خيرة لي في ديني ودنياي .. فتهون علي الأمر عندما ذكرت أصدقائي وأخوتي هناك .. فقلت لست الوحيد الذي تغرب عن وطنه وأسرته في هذا الشهر الفضيل .

كأنه ذلك الأمس الذي وصلت فيه لمنطقتي .. وكلي رجاء من الله تعالى بأن يسهل وييسر لي صيامي وقيامي بهذا الشهر الفضيل .. مررت بكثير من المواقف .. تجعل مني إنسان يؤمن بأن لكل شيء خيره .. ولكل موقف درس .. فهذا الشهر الفضيل .. شهر العبادة والتقوى .. علمني الكثير من الدروس في الحياة 

مضت الأيام سريعًا .. فها هو رمضان سيفارقنا .. تزامنت فترة رمضان مع أول فصل دراسي لي في الجامعه .. فلابد أن أكون سعيدًا ومتخوفا بنفس الوقت .. لأنها مرحلة جديدة من خلالها سأضع اللبنه الأولى .. تعثرتني صعوبات في اختيار المواد المناسبة .. ولله الحمد نجحت باختيار جدول متكامل .. لابد أن أشعر بضغوطات كبيره .. كونه أول فصل دراسي لي .. ولكن لا مشكلة مع تنظيم الوقت :)

اسأل الله ان يجعلها فاتحة كل خير 

وأن يوفقني واياكم في عملكم ودراستكم 

غدًا هو أول أيام عيد الفطر السعيد .. الكثير منكم سيستيقظ باكرًا ويرتدي ثوبة الجديد ويتجه نحو مصلى العيد .. ولكن من منكم يستيقظ في صباح أول ايام العيد  لحضور محاظرة الصباح !! 

إن كان قدري أن لا أجتمع بوطني وبأسرتي وأن لا أستطيع التعبير عن فرحة العيد .. فيكفيني أن يكون قلبي موجودًا بينهم يفرح لفرحهم 

أسأل الله ان يبلغنا رمضان مرات عديدة

عيدكم مبارك

وكل عام وانتم بخير