
قبل أيام قلال
كان جالسًا بقربي ، يمسح على ظهري ، يسألني عن دراستي ، يبتسم ويضحك في وجهي ، يغشمرني ويضحكني ، يشده النقاش والحديث ، يناقش هذا ويضحك مع ذاك .
اكتفى بالجلوس معنا ، وتناولنا غدائنا مع بعضنا ، كان فكاهي في طبعه ، وحبيب في كلامه ، وعسول بسوالفه .
بعد بضع ساعات التي اقضاها معنا ، قرر أن يذهب لينجز بعض أعماله .
هكذا كان عمي وحبيب قلبي ، وقلب عائلتي ، عبدالرحيم .
لم يكن عمي فحسب بل في بعض الأحيان على الرغم أنه يكبرني سنًا أدعوه بأخي لأنه قريب لنا وقريب لقلوبنا .
في طفولتي عرفته ، كان يتسلل إلى قلبي بقطعة الحلوى التي كان يعطيني أياها ، أتذكر تلك الأيام التي كان يأتيني في ليالي الشتاء الباردة ليعطيني " علكه " حاره " لتدفيك " ,, لقد أحببته منذ صغري
وفي نهار الثالث والعشرون من فبراير ,,
رأيتها شاحبة الوجه ، دمعة تكاد تسقط من عينها .
مابك ؟ سألتها لأعرف ماذا حصل ، هل حصل لها أي مكروه ؟
يوسف ، بو أحمد ، بو أحمد ، عبدالرحيم ، توفى
صعقة تليها صدمه قوية ، أسرعت لأمسك بالهاتف لأسأل كيف وماذا ولماذا لأعرف ما يحدث ، لأعرف ماحصل.
اتصلت على أخي الأكبر ليقول لي أنه بالمشفى عند صديقه ، يا إلهي هل حقًا انني اخر من يعلم
لقد ذهب لصديقه ، يخفف عنه ضيقه ، يقف بجانبه ليمسح تلك الأحزان ، يكون معه كاليد الواحده كما كان دائمًا .
انه صباح الثلاثاء
استيقضت باكرًا لأذهب للمقبره ، هذه هي المره الاولى التي احضر فيها مراسيم جنازه كامله .
حملوه على أكتافهم ، أمشي بخطا ثابته عيني مرتكزه عليهم ، ادعي من كل قلبي ، قلبي الذي كان يتدفق بشده ، في صلاتي ، شعرت بوخزات في قلبي ، دعوت الله عز وجل أن يثبته بالقول الثابت .
وقفت أمام قبره ، ونظرت إلى أبنائه الذين هم إخوتي لا بل أكثر من إخوه ، الحزن بدأ يهاجم قلبي ، ومظاهره بدأت تظهر على عيني ، كلما نظرت إلى ابنائه ، وقفت أمام قبره ودعوت دعوة من كل قلبي له ، فهو كان العم الذي لم تلده جدتي .
أقترب شيئًا فشيئًا ، لأجد الدموع تهاجم مقلتيه رغمًا عنه ، أردفته على صدري ، وضممته بقوه ، وهمست في اذنه " شد حيلك " .
قال الباري عز وجل في محكم تنزيله
كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) العنكبوت 57 )
كان وقور وحبيب ، لطالما تعلمت منه معنى التفاؤل ، ومعنى المثابره على النجاح ، مواقف كثيره علمتني دروس كثيره ، ونصائح كثيره علمتني حياة افضل
اذكروا محاسن موتاكم ..
رحمك الله وأسكنك الله فسيح جناته
في ظهيرة يومنا رحلت عنا
فاجعة أحلت بنا ودموع اعترفت بحزننا
بكينا فعطشنا ، فشربنا دمعنا حتى ثملنا
رحلت ولكن ذكراك بيننا باقيه لنا
نذكر تلك الأيام الجميله التي قضيتها معنا
أيام كنت بقربنا عند مصائبنا
أيام كنت بجانبنا عند فرحنا
أب ، وعم ، وأخ هكذا كنت كلما حدثتنا
كيف ننسى من كان الخير عنوانه
كيف ننسى من كان حب الغير يسري في دمائه
كيف ننسى من يحمل العطاء بجميع ألوانه
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته